دور عقود الخيارات المالية في تنشيط سوق الأوراق المالية في ظل القانون رقم 17 لسنة 2018 .

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس القانون التجاري والبحري - کلية الحقوق جامعة المنصورة والأستاذ المساعد بکلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع - جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بالمملکة العربية السعودية

المستخلص

يعتبر تنوع الأدوات الاستثمارية أحد أهم مفاهيم واستراتجيات نجاح وتطور البورصات وذلک لما تؤديه من دور فعال في توسيع قاعدة البدائل التي تلبي حاجات المستثمرين وتضمن لهم اختيار الاستثمار المناسب من حيث العائد والمخاطر.
     ويُعد سوق رأس المال العمود الفقري للتنمية الاقتصادية في أي دولة، فهي وسيلة من وسائل جذب المدخرات لتمويل المشروعات التي تحتاج إلى تدفقات هذه الأموال، وهي کذلک عامل مهم لجذب رءوس الأموال الأجنبية.
     ولذلک فقد تأثرت سوق الأوراق المالية المصرية بالمستجدات التي تطرأ على الحياة الاقتصادية والتجارية وأصبح الاقتصاد حرا، وليس مغلقا، وأزيلت کافة القيود وتم الاعتماد على قوى السوق، وذلک منذ صدور قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، وذلک لتطوير وتنشيط بورصة الأوراق المالية لتوجيه مدخرات الأفراد والمؤسسات المالية نحو الاستثمار في شراء الأوراق المالية، واستخدامه في إنشاء وحدات إنتاجية جديدة. وتأکيدًا لذلک فقد أصدر المشرع المصري القانون رقم 17 لسنة 2018 في 14 مارس 2018 بشأن تعديل بعض أحکام قانون سوق رأس المال بالقانون رقم 95 لسنة 1992م. وأخيرا فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء بعض التعديلات على هذا القانون أيضا بالقرار رقم 2479 لسنة 2018 في 22 نوفمبر 2018.
     وقد صدر أيضا قانون الإيداع والقيد المرکزي رقم 93 لسنة 2002 لتقوية سوق الأوراق المالية باستخدام جهاز رقابي، وکذلک للالتزام بالقيد وحفظ الأوراق المالية المتداولة في سوق الأوراق المالية. ولقد صدرت کذلک کثير من القرارات الخاصة بتنشيط البورصة لجذب الاستثمار؛ ومنها إدخال أنظمة التداول الحديث (الشراء بالهامش، والبيع على المکشوف، التداول بذات الجلسة ). فهل أصبحت سوق الأوراق المالية المصرية ملائمة لإدخال الأدوات المالية الحديثة (المشتقات المالية ) أو إحداها (عقود الخيارات المالية ) لجذب مزيد من رءوس الأموال، ولتنشيط السوق، سواء أتمَّ التعامل به من جانب البنوک فقط، أم من جانب المستثمرين کذلک ؟
     ويعتبر موضوع المشتقات المالية من الموضوعات التي احتلت مکانة هامة ضمن العلوم المالية، وهى عبارة عن أدوات تعتمد على أداء بعض الأصول المالية المحددة - کالأسهم والسندات في الأوراق المالية، والأدوات المالية کالعملات الأجنبية، وسندات الائتمان -  أو معدلاتها، أو قائمة تداول. ولعل من أبرز صور المشتقات المالية: عقود الخيارات، عقود المستقبليات، العقود الآجلة، وعقود المبادلة، وأيضا صور أخرى تتداخل فيما بينها، بل وتعتبر عقود الخيارات المالية أکثر أنواع المشتقات إبداعًا وابتکارا، کما تعد واحدة من أقوى الأدوات المالية المستخدمة للتحوط وإدارة المخاطر على اختلاف أنواعها.
     وقد أصبح حجم تعاملات المشتقات المالية بصورها المتعددة في تزايد وفقا للإحصائية الصادرة من بنک التسويات الدولية؛ إذ بلغ حجم تعاملات أسواق المشتقات العالمية لجميع العقود 552909 مليار دولار في النصف الأول من عام 2015 مقارنة بقيمة 629142 مليار دولار من النصف الثاني لعام 2014، ومقارنة بقيمة حجم العقود 691640 مليار دولار في النصف الأول لعام 2014، وحجم عقود بلغ 710633 مليار دولار في النصف الثاني لعام 2013.
     وتعد عقود الخيارات المالية- وهي محل بحثنا- من أهم التطورات التي ظهرت في الأسواق المالية، وهي إحدى الأدوات المالية المشتقة، وإحدى ابتکارات الهندسة المالية، ففي البداية کانت تستخدم من أجل الاحتياط قبل أن تتحول إلى أداة للاستثمار والمضاربة؛ حيث لقيت رواجا کبيرا لدى المتعاملين في الأسواق المالية.
     وتوفر عقود الخيارات للمتعاملين مزايا متعددة، أهمها المضاربة والمرابحة؛ وذلک من خلال استخدام أموال قليلة للمتاجرة في السوق المالية، هذا فضلا عن استعمالها کأداة تقي من مخاطر انخفاض أسعار موجودات المحافظ الاستثمارية.
     وما زالت عقود الخيارات المالية تثير جدلا واسعا بين المشجعين لاستعمالها، بسبب ما توفره من امتيازات للمتعاملين بها، وما ينتج عن تداولها من آثار إيجابية في الأسواق المالية التي تحتضنها، وکذلک بين المعارضين لاستخدامها، لموانع شرعية من جهة، ولآثارها السلبية على المستثمرين والأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي من جهة أخرى.
     وعليه فقد ظهرت هذه العقود کأداة من أدوات السوق المالية اعتبارا من عام 1973، وهو تاريخ إنشاء بورصة شيکاغو للخيارات، وقد أنشئت کوسيلة وقائية يستخدمها المستثمرون للحماية من مخاطر تغير أسعار الأوراق المالية، والمضاربون لتعظيم أرباحهم.
     وفي الوقت الذي ينظر فيه کثير من الباحثين في قضايا المال والاستثمار إلى الخيارات کأفضل ما استطاع الفکر الاستثماري إنجازه حتى الآن، يرى بعض المستثمرين من جانب آخر أن الخيارات من أکثر الأدوات الاستثمارية غموضا، وبالتالي ينأون بأنفسهم عن التعامل بها، وعليه فهذه العقود تعد - من وجهة نظر المضاربين - إحدى الأدوات الاستثمارية الحديثة في الأسواق المالية، حيث يعدونها من العقود المهمة بالنسبة لاستثماراتهم في الأسواق المالية المعاصرة.
     ولأهمية عقود الخيارات المالية فقد أصبحت في العصر الحديث من أکثر الأدوات المالية الحديثة انتشارا وتداولا بين الأسواق العالمية، کما أصبحت أداة لجذب رؤوس الأموال، وتنشيط الأسواق المالية حول العالم، ووسيلة لإدارة المخاطر.
   ولمعرفة هذا النوع من العقود المالية الحديثة، فقد اخترنا أن نتعرض في هذه الدراسة لعقود الخيارات المالية، من حيث النظام القانوني لها، وموقف الفقة منها، وذلک وفقا للنظام الأمريکي ومعرفة مدى وجود نظام قانوني لتلک العقود في مصر، وهل إذا تم تطبيقه فيها تقوم هذه العقود بتنشيط سوق الأوراق المالية المصرية أم لا وخاصة بعد إقرار المشرع المصري لمثل هذه العقود في القانون رقم 17 لسنة 2018 الخاص بتعديل أحکام سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، وهذا ما سوف نجيب عليه في بحثنا.

الكلمات الرئيسية