أوصى القرآن الكريم بالمسنين خيرًا وذلك بشأن الوالدين في غير نص صريح ومباشر. وأوصى النبي الكريم بتوقير الكبير وتقديره حق قدره، فروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا"[1]، وفي رواية أخرى أنه قال " مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، ويَعْرِفْ حَقَ كَبِيرِنَا؛ فَليْسَ مِنَّا"[2]. ويعج الأثر بمواقف الرسول العظيم والصحابة الكرام التي تحث على تقدير وتقديم الرعاية لكبار السن.
وعلى الصعيد الدولي فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة 2021-2030 عقدا للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة وطلبت إلى منظمة الصحة العالمية أن تقود عملية التنفيذ. وقد نشأ ما يسمى بعقد الشيخوخة للنهوض بالصحة في مرحلة تقدم السن والشيخوخة، وهذا العقد تعاون عالمي يجمع كل من الحكومات والمجتمع المدني والوكالات الدولية والمهنيين والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام والقطاع الخاص لمدة 10 سنوات، لتنفيذ خطة من العمل المتضافر والتحفيزي والتعاوني لتعزيز حياة أطول وأوفر صحة.[3]
ويهدف عقد الأمم المتحدة للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2021-2030) إلى الحد من أوجه عدم المساواة في الصحة وتحسين حياة كبار السن وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية من خلال إجراءات جماعية في أربعة مجالات: تغيير طريقة تفكيرنا وشعورنا وتعاملنا إزاء السن والتحيز ضد التقدم في السن؛ وتنمية المجتمعات بطرق تعزز قدرات كبار السن؛ وتقديم رعاية متكاملة وخدمات صحية أولية تركز على الأشخاص وتستجيب لاحتياجات كبار السن؛ وإتاحة رعاية جيدة طويلة الأجل لمن يحتاجونها من كبار السن.[4]
وليس من شك في أن رعاية كبار السن والمسنين لا تقتصر على مجرد توفير الرعاية الصحية لهم فقط، وإنما تمتد لتشمل كفالة كافة أوجه الرعاية اللازمة.
وحيث أن إسباغ الحماية يلزمه ضمانات وكفالات، ويجب أن يقترن بالإلزام، فإنه يجب أن يصدر بتشريع، ومن هذا المنطلق كان هذا البحث الذي يتناول هذا البحث دور البرلمان في حماية حقوق المسنين، وذلك من خلال محورين وآليتين من آليات واختصاصات عمل المجلس، يفرد لكل منهما مبحث مستقل. ونتناول في هذا البحث الدور المأمول من البرلمان في هذا الشأن، وليس بحث ما أصدره من تشريعات أو ما قام به من أعمال وإن كانت قد حققت بعض أهداف خطة الدولة في هذا الصدد، إلا أنها لم تحقق بعد الخطة والرؤية المستهدفة الكاملة.
[1] رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم 5445.
[2] رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود، وصححه الألباني.