الدفاع الشرعي وإشكاليات الرد على الهجمات السيبرانية في ضوء ميثاق الأمم المتحدة

تهدف هذه الدراسة إلى معرفة الهجمات السيبرانية، ومدى خطورتها على تهديد الأمن القومي والاستراتيجي للدول، حيث أصبحت الهجمات السيبرانية تتقدم بوتيرة سريعة باستخدام أحدث التقنيات والبرمجيات في تنفيذ تلك الهجمات والتي يجعل من الصعوبة بمكان تحديد مصدر تلك الهجمات ذات الزخم العالي وتحديد مسؤولية الدول التي قامت بها، مما يستلزم أن يكون هناك تحركا دوليا لمواجهة هذه المخاطر، ولكن هل تدخل هذه الهجمات ضمن المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة والتي تحظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية والتي تعد مبدأً أساسياً من مبادئ القانون الدولي العام، بحيث تشكل المخاطر السيبرانية تهديدا للسلم أو إخلال به أو وقوع عدوان يمكن مجلس الأمن وفق المادة (39) من الميثاق بأن يتدخل باتخاذ إجراءات عقابية ضد الدولة الفاعلة، وهل يمكن ذلك الدول الموجهة إليها بأن تستخدم حق الدفاع الشرعي إعمالا للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، واستخدام هذا الحق يعد استثناء على مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية.
 ومن ثم تتمحــور هذه الدراسة حــول مــدى ملائمــة القواعــد القانونيــة التقليديــة الخاصــة باســتخدام القــوة وبالدفــاع الشرعي لاســتيعاب خطورة الاعتــداءات السيبرانية. فهــل يمكــن للهجمــة السيبرانية أن تحقــق المحددات القانونيــة الخاصــة بالدفــاع الشرعي حســب مــا تقضــي بــه المــادة 51 مــن ميثــاق الأمــم المتحــدة؟ أم مازال ميثاق الأمم المتحدة عاجزا عن استيعاب تلك الهجمات مما يستلزم معه وضع اتفاقية دولية لتنظيم مواجهة الهجمات السيبرانية بصفة خاصة لحماية أمن الدول.
ومن هنا جاءت فكرة هذا البحث ليلقي مزيدا من الضوء حول وضع إجابــات قانونيــة لهــذه الأســئلة المحوريــة، مــن خــلال مراجعــة قواعــد القانــون الدولــي العــام المتعلقــة باســتخدام القــوة عمومــا، والاستثناء الوارد عليها والمتمثل في الدفــاع الشرعي خصوصــا والربــط بينهمــا، وإلى القرارات والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية.
وسوف أتناول هذا من خلال ثلاثة مباحث: المبحث الأول: أتعرض فيه لماهية الهجمات السيبرانية، والمبحث الثاني: أتناول فيه صور الهجمات السيبرانية، والمبحث الثالث سأتحدث فيه عن الهجمات السيبرانية واستخدام حق الدفاع الشرعي في ميثاق الأمم المتحدة.